شكل هذا الحدث التربوي والثقافي محطة وفاء وامتنان لروّاد الحركة الجمعوية الذين أسهموا في بناء العمل التربوي وتركوا بصماتهم في مسار الجمعية، حيث تضمن برنامج الحفل فقرات متنوعة، أبرزها تكريم مجموعة من الشخصيات التي كان لها دور ريادي في مسيرة الجمعية، إضافةً إلى عروضٍ فنية شبابية وأمسيات غيوانية تعبق بروح الانتماء والعمل التطوعي. كما تخلل الحفل شهادات مؤثرة استحضرت تاريخ الجمعية ومراحل تطورها، مُسلطة الضوء على رؤيتها التربوية التي جمعت بين الاستمرارية والتجديد في خدمة الطفولة والشباب.
ويأتي تنظيم هذا الحفل في إطار تثمين الذاكرة الجمعوية وتعزيز روح الانتماء لدى الأجيال الصاعدة، إضافةً إلى تأكيد رسالة الجمعية في مواصلة النضال التربوي والثقافي لبناء مجتمعٍ متماسكٍ ومتضامنٍ، قادرٍ على استثمار قيم التطوع والمواطنة الفاعلة.
تكريم رموز العطاء والتفاني في خدمة الجمعية
في حضرة الذكرى والوفاء، كان التكريم جزءًا أساسيًا من الاحتفاء بتاريخ الجمعية، إذ استحضرت الفعالية أسماء شخصيات كان لها تأثير بارز في بناء المسار الجمعوي والتربوي بالمغرب.
🔹 العايدي الحنبلي.. الصوت النبيل لرسالة التربية
استذكرت الجمعية أحد أعمدتها الراحلة، العايدي الحنبلي، الذي كان من أوائل المؤمنين برسالة "لاميج" منذ تأسيسها. كان الحنبلي رفيق درب الشهيد المهدي بن بركة، وكرّس حياته لخدمة الشباب والتربية التقدمية، واضعًا بصمته في المكتب المركزي للجمعية، بعيدًا عن الأضواء، وقريبًا من الأثر الحقيقي في بناء الأجيال.
🔹 حمادي الريح.. القيادة الحكيمة والالتزام العميق
في وقفة اعتراف مستحقة، كرّمت الجمعية حمادي الريح ، أحد أبرز الأسماء التي قادت المسيرة التربوية داخل الجمعية بعد رحيل محمد الحيحي. ظلّ الريح نموذجًا يحتذى به في الجمع بين الصبر والحكمة، حيث حمل مسؤوليات كبرى داخل وزارة الشباب والرياضة، وظلّ وفياً للمبدأ الجمعوي، مقدماً نموذجًا يُجسّد العطاء بلا انقطاع.
🔹 عبد السلام محجلاوي.. الأميجي الذي لم تغيّره المناصب
استحضرت الجمعية عبد السلام مجلاوي، الذي بدأت رحلته في الجمعية نهاية السبعينات، ليصبح أحد أعمدتها، قبل أن يشغل مناصب بارزة داخل وزارة التجهيز وعالم المال والبنوك وصولًا إلى الاستشارات الدولية بكندا. رغم ذلك، ظلّ مجلاوي محافظًا على روحه الأميجية، وفيًا للقيم التي زرعتها فيه الجمعية، ليكون نموذجًا يُجسّد الاستمرارية والانتماء الصادق.
🔹 سعيد خوخو.. نموذج الالتزام والتطوع الصادق
كرّمت الجمعية أيضًا سعيد خوخو، ابن يعقوب المنصور، الذي قضى عقودًا في خدمة الطفولة والشباب، متنقلاً بين الفعل الجمعوي والسياسي، لكنه بقي وفيًا للجمعيات التربوية، حيث كان من أوائل الذين حملوا مشعل التربية داخل "لاميج"، واعتبرها أكثر من مجرد فضاء تطوعي، بل مدرسة صقلت هويته ونضاله.
🔹 عبد الرفيع الحمومي.. شاهدٌ على استمرارية الجمعية
من مدينة فاس وفرع البطحاء، كان عبد الرفيع الحمومي أحد الذين نشأوا في حضن الجمعية منذ طفولتهم، ليؤسس لاحقًا فرع سيدي يحيى الغرب، ويساهم في تطوير العمل الجمعوي على امتداد المغرب. كان الحمومي صوتًا شابًا متجددًا داخل "لاميج"، مُدافعًا عن استمراريتها وقيمها التربوية.
🔹 محمد بلحاج.. القيم التي لا تنسى
حين يُذكر اسم محمد بلحاج ، تتفتح أبواب الذاكرة على امتدادها، إذ كان أحد الذين غرسوا قيم الجمعية منذ الثمانينات. مناضلٌ حقيقي، خاض تجربة "لاميج" بإخلاص، تحت إشراف القيدوم أحمد بركان، مقدّمًا صورة مشرقة عن العمل التربوي، حيث لم يكن مجرد مسؤول، بل كان قلبًا نابضًا بالحب والانتماء.
الإبداع والفن.. احتفاء بروح الجمعية
لم يكن الحفل مقتصرًا على التكريم فقط، بل تضمن عروضًا فنية تعكس الروح الإبداعية للجمعية، حيث شاركت مجموعة جيل الغيوان الرقراق بإحياء فقرات موسيقية غيوانية، مسترجعةً روح الأغنية المغربية الملتزمة، كما قدمت فرقة شبابية لوحة تعبيرية بعنوان "ملحمة لاميج" ، جسّدت فيها رمزية الجمعية عبر الفن الحيّ.
كما شهد الحفل عرضًا كوميديًا من توقيع الفنان الشاب حمزة الخاوة، إضافةً إلى أمسية موسيقية شبابية مستلهمةً من إرث "لاميج"، جامعةً بين الذكريات والانتماء الجمعوي العميق.
رسائل القيادة الجمعوية.. استمرار المشروع ودعوة لتعزيز العمل التربوي
في كلمته خلال الحفل، شدّد محسين باهدي، الكاتب العام للجمعية المغربية لتربية الشبيبة، على أهمية استمرار المشروع الذي انطلق على يد عريس الشهداء المهدي بن بركة، وحمل رايته روّاد الحركة الوطنية في مختلف الإطارات والتنظيمات، مؤمنين بأن تكوين وتأطير رجال ونساء الغد هو أساس بناء الوطن.
كما دعا كافة التنظيمات الوطنية التربوية إلى مواصلة الترافع من أجل الحفاظ على المكتسبات، والسعي نحو سياسات عمومية تتضمن حقوق مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بما في ذلك الأسرة، المدرسة، والمجتمع المدني، مشددًا على ضرورة تكثيف الجهود داخل فروع الجمعية للدفاع عن قضايا الطفولة والشباب، وترسيخ ثقافة التربية والمواطنة الفاعلة.
بدوره، أكد عبد الإله العبدلاوي، رئيس المكتب الجهوي للجمعية بجهة الرباط سلا القنيطرة، أن الاحتفال بهذه الذكرى هو لحظة وفاء للماضي، لكنه أيضًا انطلاقة جديدة نحو المستقبل، مشددًا على أن الجمعية لن تحيد عن مسارها النضالي التربوي، بل ستواصل عملها نحو فتح آفاق أوسع للشباب، وضمان انتشار أكبر لمشاريعها الاجتماعية والتربوية.
كما أقر على أن الجمعية تستمد قوتها من العمل الجماعي والروح التطوعية، مؤكدًا أن نجاحها عبر السنوات الماضية لم يكن ليتحقق إلا بفضل تعاون وانخراط جميع الأطر والمنخرطين والمتطوعين الذين حملوا مشعل الجمعية في كل ربوع الوطن.
واختتم رئيس الجهة كلمته بتوجيه تحية تقدير لكل من ساهم في تعزيز دور الجمعية، خاصة الشباب الذين يُعدّون أساس المستقبل، مشددًا على أن المكتب الجهوي سيواصل العمل بثبات لضمان استمرارية الجمعية، وتجديد طرق اشتغالها بما يواكب متطلبات العصر، واضعًا على عاتقه مهمة تعزيز القيم التربوية والمجتمعية التي شكلت جوهر "لاميج" منذ تأسيسها.